الأربعاء، 19 مايو 2021

عن الوجودية وأشياءَ أخرى ..



   رغم انقطاعي الكبير-غير المغفور بأي عُذر- عن الكتابة، إلا أنًها تظلُّ الهاجسَ الذي لا أملّه، تأخذنا الحياة دون أن نشعر، وننسى خلالها ذواتنا وأنفسنا وتفاصيلنا وأشياءنا الصغرى وحتّى الكُبرى، وطوال هذه الرحلة، نغدو شيئًا غير الأمس، تمزُجنا الحياة مزجًا وتأكلنا التجارب أكلاً، فأنا اليوم لستُ أنا قبل خمس سنوات، بل دعك من الخمس سنوات، أنا اليوم مختلف تمامًا عن "أنا" قبل سنة. أفكارنا تتغير، عاداتنا تتغير، رؤانا تتغير، ثقافتنا تتغير، تفاصيلنا اللحظية والوقتية أيضًا هي الأخرى تتغير، أجل أعترف أني كائنٌ متغيّر، وما نحنُ أصلاً لو لم نتغير؟! علّمونا ألًا نبقى في مكاننا وأن نتحرّك باستمرار؛ ذلك أنّنا لسنا أشجارًا مُتحجّرةً ثابتة، ولكنّي في الحقيقة أرى أن الأشجار وإلم تتحرّك من مكانها وموضع بذرتها، إلا أنها تنمو وتكبر وزدهر وتضعُ أوراقًا وتُخرجُ أخرى، وهكذا تعطي وتُجابه الحياة رغم شدّتها وقسوتها وأمانها اللحظيّ العابر.

 

مررتُ في الشهر الفائتِ بأسئلةٍ وجوديةٍ مجنونة، ولستُ أدري هل تسائلتُ عنها حِينما كنتُ صغيرًا أم لا، ولستُ أدري هل ستظلَ هذه الأسئلة الوجودية تُريبُني وتنتابُني بين الفِينةِ والأخرى أم لا، ولستُ أدري –أيضًا- هل سيؤولُ بيَّ الحالُ إلى جوابٍ مقنعٍ أم لا، ولستُ أدري -أصلاً- كيف آلَ بيّ الحالُ إلى هذه الدائرة الوجودية المجنونة. الواقعُ أنّها أصبحَتْ تُخيفني كلما تعمّقتُ فيها، وهي على الرغم من بساطتها وتعقيدها في الآنِ نفسه، إلا أنها تدورُ حول الوجود، والكون، وعالمنا المجنون، وأفكارنا التي تربّينا عليها، وعِشنا عليها، وربما دون أن نبحث عن مصدرها، عن أصلنا، وعن اختلافنا المُحيّر، عن حالي الآن لو لم أكن أنا "أنا"، عن الأسئلة الكثيرة التي تكون إجابتها في الغالب بـ"التسليم المُطلق"! رغم ما وصلت إليه البشرية من علمٍ وعلوم، ومع ذلك، لا زلنا في رحلة البحث عن الحقيقة المُريبة.

 

سامحني يا الله على جهلي الكبير، فأنتَ أكبر، وعلمكَ أكبر.

إلى ذلك الحِين، أرجو هِدايةً ورشادًا وتوفيقًا وأمانًا واطمئنانا.

 

نهاية يوليو المجنون لسنة 2020

الخميس، 26 أكتوبر 2017

يا صديقي .. تأمّل ملامحك!

   




    ماذا بعد يا صديقي، حياتك ما هدأت، ولم تهدأ، ويبدو أنها لن تهدأ. ماذا تريد من هذا الذي بداخلك، هذا من يسكنك، ويسكن روحك، يرافقك صبحًا ومساءَ، عملاً ونوما، تفكرًا وتأمّلا، سؤالاً وجوابا، حديثًا وصمتا، هكذا شغلاً دون راحة، حتى ذابت فيكَ ملامحُك.

 يا صديقي،
يا صديقي..
هاتِ يمينك المتعبة،
 ضعها على صدرك المشحون،
 وخذ نَفَسًا..
وقِف لحظة ..  ألم تتعب، ألم تذبل، ألم تهنأ؟
ألم ترهق .. صغيرًا كان في صدري هنا يلعب؟
ألم تدري .. لمَ أسأل؟
وعنك، هكذا أفعل؟


يا صديقي،
لم أدري ولا أدري،
ولا أطمح بأن أدري،
فلا تسألن فيما كان لو أن كان لن أدري.


   يا صديقي، بدأت حياةً جديدة، ودراسةً جديدة، ونفَسًا بعد نَفَس، وأنت ما زلت تركض لا تقف. ماذا تريد؟ ولِمَ تريد؟ وماذا بعدَ أن يكون ما تريد؟


يا صديقي، هكذا بدأتَ تهذي، لا النومُ يغشاك، ولا لأحدٍ أن يتولاك، فاستغفِر الله، وقم يرحمك الله.




عبدالله

الأربعاء، 25 يناير 2017

من أنتَ أيها الوقت !

    


     يبدو أن الحياة قصيرةٌ للحدِ الذي لا تشبعُ فيه من أي شيء. تبدأُ بالصلاة، فلا تنتبهُ إلا على عقارب الساعة الحادّة التي تأكلُ الوقتَ أكلاً. تحاول أن تنهي أكل وجبتك السريعة، فلا تشعرُ إلا وأن "السريعة" هي الأخرى قد أصبحت أكبرَ من اسمها الساذج. تبدأُ بمراجعة القرآن، فيصدمك الوقتُ مجددًا بأنه قد أكلَ منك ما أكل، فلا أنتَ هانىءٌ في تلاوتك، ولا في وجبتك، ولا في صلاتك ودُعائك. فيا أيها الوقت، أخبرني بالله من أنت ؟

    بدأ العام، فأرى روزنامة هاتفي قد أوشكت على دخول شهرها الشُباطيّ، ومجددًا في حين غفلة، أكل الوقتُ كانونًا الثاني. فلا تدري، أتبكي على شهرٍ مضى، أم تركضُ إلى شهرٍ قد أتى، وما بين هذا وذاك، تفكّر أيهما تفعل، وحين تتنبّه لنفسك لتقول أنك ستبكي أو ستركض، تجدُ نفسك في العام الذي يليه، يا الله ما هذا !

    أرى الساعة، فتشير إلى التاسعةِ مساءً بكلِ حُبٍ وبهجة، أُحاولُ أن ألبس كِمّتي ذات الغرز الصغيرة وأنا أنظرُ إليّ في المرآة، وما إن أنتهي، لأعودَ مجددًا بعد ثوانٍ -بتوقيتي- أرقبُ الساعة، فأراها لامست الحادية عشرة بكل سرعةٍ وسذاجة ودهشة. باللهِ ما هذا الهُراء !

أيها الإنسان، تنبّه لما أنتَ فيه، وما تفعل بثوانيك قبل دقائقك، فوالله إن الأمر مُريبٌ أيّما رَيب، فكّر، وخطّط، واعمل، واجتهد، و اسعَ، ولعل الله أن يمُدّكَ بالبركة والاطمئنان.




عبدالله


الثلاثاء، 15 مارس 2016

72 يومًا على التخرج | SQU |

 

    أنت المُلام .. أجل يا صديقي أنت المُلام. إن حصلت على (19) من أصل (20) درجة، فأنت المُلام. إن كنتَ تهدف لأن تحصل على (A)، ثم حصلت على (B+) فأنت المُلام. إن لم تحصل على الدرجة كاملة في مشروعك، فأنت المُلام. إن تأخرت عن حضور المحاضرة في وقتها، فأنت المُلام. إن إلم تجد وقتًا للتحضير لعرضك الـ(Presentation) فأنت المُلام. يا صديقي، أنت المُلام، أنت وحدك هو المُلام.

    هي ليست دعوة لجلد الذات، بقدر ما هي دعوة لأن تكون أكثر صرامة مع نفسك. يا صديقي الجامعيّ، إن عِشتَ بمبدأ أنك أنت المُقصّر قبل الآخرين، فسوف تعيشُ حريصًا جدًا في كل شيء وعلى كل شيء. صدّقني يا صديقي، إلقاء اللوم على نفسك قبل الآخرين سيمنحك فرصة لكي تعمل أكثر، وتستعد أكثر، وتبذل أكثر، وتجتهد أكثر. ابذل جميع الأسباب، واطرق كل الأبواب التي تجعلك مخلصًا في كل عملٍ عليك القيام به. يا صديقي الجامعيّ، اصنع الظروف التي تريد، ولا تجعل الظروف هي من تصنعك.

    جرّب ألا تجعل "شمّاعة" أعذار لأي تقصير في أفعالك وأعمالك، وراقب تفكيرك وألفاظك تمامًا في هذا الأمر. قبل أن تعلّق "شمّاعة اللوم" على الآخرين، فإن أول شخص يتوجّب عليك أن تلومه هو "أنت" يا صديقي.

هذا الأمر يقودنا إلى أمر آخرٍ مهمٍ أيضًا، هو أن تــُـقـيّـم ما تقوم به، و تــُـقـيّـم ذاتك وسلوكك الدراسي، ومن الجيد أن تجعل هذا الأمر بشكلٍ أسبوعيّ، تــُـقـوّم به أخطائك، وتعزز جوانب القصور لديك، فترقى وترتقي بمُضيّ الأسابيع الدراسية.


يا صديقي الجامعيّ، اسأل نفسك الآن، وكن واضحًا في الإجابة مع نفسك:
 هل حقًا بذلتُ كل ما يستحق أن يرقى بي إلى مدارج المتفوقين والمتميزين ؟


وتذكّر دائمًا "فلا تلوموني ولُوموا أنفسكم"

 

عبدالله

 

الجمعة، 11 مارس 2016

76 يومًا على التخرج | SQU |



     كم من المرّاتِ في سنواتي الدراسية –المدرسية منها والجامعية- فكرّتُ في شخصيات المعلمين والأساتذة. وكم من المرّاتِ -أيضًا- تأمّلتُ سلوكهم وحركاتهم وسكناتهم، فوجدتُ بونًا شاسعًا بين شخصياتِ هؤلاء، وهذا في الواقع أمرٌ طبَعِيّ. فكلٌ وشخصيتهُ، وكلٌ وسلوكه وأفكاره واهتماماته وما يتميزُ به، وهذه إشارةٌ إليك يا صديقي الجامعيّ، فتنبّه لها.

    فهمُ شخصية أستاذ المقرر أمرٌ في بالغ الأهمية. ولا تستهن في هذا أبدا. افهم بالضبط ماذا يريد منك أستاذك، هل يُركز في الشرح على العروض التقديمية (السلايدات)، أم يشرح من فهمه ومعلوماته. هل يشيرُ إلى الأرقام والأسماء ويُركز عليها مرتان وثلاث، أم يهتمُ أكثر بالحدث نفسه. هل يشرح مسائل الكتاب أم يأتي بمسائل خارجية. ركز يا صديقي الجامعيّ في كل شيء يفعله أستاذ المقرر، وكن ذكيًا في ربط الأمور ببعضها، فهذا سيعينك إلى حدٍ ما لتتكهّن بأسئلة الاختبار، وعلام يُركز أستاذك الميمون. على الحفظ، أم على الفهم، أو كلاهما.

    قد يلمّح لك أحيانًا بقول (انتبه جيدًا لهذا الأمر فهو مهم)، وهذا يعني أن المسألة أو الموضوع أو تلك المعلومة مهمة بالنسبة لأستاذ المقرر، وبما أنها مهمة بالنسبة له، فهذا يمنحها نسبةً أكبر لتكون من بين أسئلة الاختبار المجيد.

    لعلك يا صديقي حتى تعي هذه الأمور، لابد لك من أن تكون حاضرًا في محاضرات المقرر، وتقلل مرات غيابك ما استطعت لذلك سبيلا. بالطبع لديك رصيدٌ للتغيّب، لكن لا تجعل همّك الوحيد من حضور المحاضرة هو أن تفهم موضوع الدرس وحسب، هنالك أهدافًا خفيّة للحضور، فاجعلها يا صديقي نصب عينيك.

   فبالإضافة إلى الأمور التي ذكرتها عن معرفتك لشخصية أستاذ المقرر وعلام يُركّز من المعلومات، ستستطيع مناقشة الأستاذ بشكلٍ مباشر، وستجعل الأستاذ يراك، ويكوّن صورة ذهنية عنك، إجعلهُ -بطريقتك- يا صديقي يحفظ اسمك، ويعرف شكلك، أخبرهُ بعينيك بأنك لستَ طالبًا عاديًا، وأثبت له أنك تريد تحقيق معدل الـ(A) في هذا المقرر ولا شيء سوى الـ(A). وقبل هذا وذاك، سترضي ضميرك العلميّ -على الأقل- بالحضور.

   لا أسألك يا صديقي الجامعيّ أن تكون عالمًا في علم النفس والفِراسة، ولكني أشير لك أن فهمك لشخصية أستاذ المقرر سيمنحك قدرًا كبيرًا من الطمأنينة في استذكار مادة المقرر وفهمها.

 

عبدالله  
 

السبت، 5 مارس 2016

82 يومًا على التخرج | SQU |

 

     لعلك يا صديقي الجامعيّ قرأتَ عن التخطيط، وسمعت عن التخطيط، وربما حضرت وِرَشًا عن التخطيط، ولعلك فعلت أكثر من ذلك، فمارست التخطيط، وهذا بالفعل ما نريده تمامًا.

لا يُهمني كم قرأت عن التخطيط، وكم سمِعتَ عن التخطيط، وكم دورةً حضرت عن التخطيط، هذا لا يعنيني إطلاقًا، المهم يا صديقي أن تُريني ثمرة التخطيط في حياتك، أن تُشعِر نفسك -قبل الآخرين- أنك إنسانٌ مخططٌ جيد لتفاصيل يومك قبل أسبوعك، وأسبوعك قبل شهرك، وشهرِك قبل سنتِك، وهلمّ جرّا.


    جرّب أن تكون لك أهدافًا يومية، والتزم بتحقيقها بشكلٍ يوميّ دون تهاون. أكتُبْ أهدافك اليومية هذه قبل أن تنام أو في بُداءة يومك في دفتر ملحوظات، واجعل هذا الدفتر خاصًا فقط بالأهداف اليومية. أُكتبْ كل ما تود إنجازه في ذلك اليوم، وسيكون من الرائع أن تكتبها في شكل نقاط ( 1، 2، 3، إلخ). ثمّ ابدأ يومك واضعًا نُصب عينيكَ مهمة تحقيق أهدافك التي كتبتها لذلك اليوم، وبمجرد أن تُنجز هدفًا من أهدافك، فضع عليه علامة (صح)، وهكذا دواليك.
أرجوك لا تقل لي أن لي أهدافًا في عقلي، لا لا ، جرّب أن تكتب أهدافك عوضًا عن أن تركنها في عقلك، ولاحظ الفرق. أنا أحترم عقلك تمامًا، لكن أن تكتب أهدافك، هذا أمرٌ يذكّرك بها دومًا. ويجعلك في سباقٍ لإنجازها.

   صدّقني يا صديقي، أنك ستشعر بمتعة الإنجاز بنهاية يومك، لأنك حققتَ وأنجزتَ كل ما خططت له. ستشعر أن ليومك معنى، ولتعبك معنى، ولساعاتك معنى، وستشعر أنك يومًا بعد يوم، تقوم بما عليك على أكمل وجه، وتنجز أعمالك في الوقت المحدد دون تأخير.

     يا صديقي الجامعيّ، أعلمُ تمامًا كمّ الأعمال التي عليك إنجازها، وأعلمُ أن لديك اختبارًا قصيرًا في الغد، ولديك (TEST) في الأسبوع القادم، وعليك أن تكتب (Report) لمقرر اللاب، ولابد من أن تبدأ في إعداد الـ(Presentation) لعددٍ من المقررات، ومع هذا وذاك، لديك أعمالاً جانبية تودُ تحقيقها. صدّقني أني أعلمُ كلّ هذا، وربما عليك أكثر مما ذكرت، ولذلك يا صديقي، سيكونُ من الرائع أن تخطط لكل شيءٍ بنحوٍ جيد، وتنظّم وقتك بشكلٍ أفضل، وتستثمر يومك خير استثمار، فلا يمضي يومٌ إلا وقد أنجزتَ شيئًا، وحققتَ شيئًا، واقتربت من أهدافك شيئًا فشيئا.


    لا تجعل أيامك الجامعيّة تشوبها الفوضى، بداعي كثرة الأعمال، بل اصنع من الفوضى أهدافًا واضحةً منظمّةً في عقلك وفي تفاصيل يومك. وتذكّر يا صديقي الجامعيّ وأن تفعل كل هذا، تذكّر أن تستشعر أن دراستك وما تبذله عبادة تؤجر عليها، واحتسب الأجر والثواب عند الله.

 

عبدالله
 
 

الأربعاء، 24 فبراير 2016

92 يومًا على التخرج | SQU |


 
 
   اليوم .. نعم، أنت يا صديقي لا تملك إلا "اليوم" وفقط. فالأمس قد رحلَ وولّى ولن يعودَ حتى يوم الدين، وعن الغد، فأستميحك عذرًا أن أقول لك أنك لا تملك الغد. أجل، يمكنك أن تخطط للغد وتفكّر بالغد وتتطلع إلى الغد، لكنّكَ في الواقع لا تملك الغد، وليس لك اللحظة أن تطالَ الغدَ مهما فعلت. إذن يا صديقي الجامعيّ، أنت فقط تملك "ا ل ي و م".

   عندما تدرك يقينًا ومن داخلك أنك تملك "اليوم" وحسب، صدّقني يا صديقي، ستحيا هذه اليوم كما لو أنه آخر يومٍ من عمرك. ستودّ لو تُنجِز كثيرًا، ستودّ أن تعمل وتعمل وتعمل، ستُخلص في عملك أيّما إخلاص. عندما تدرك أنك تملك "اليوم"، صدّقني أن الدقائق ستكون أثمن لك من مُضيّ الساعات دون عملٍ أو مذاكرةٍ أو تحقيق إنجازٍ ما، ستقِل ساعات نومك -دون شك-، وستكتفي بما يقوّيك فقط. عندما تدرك حقًا أنه ليس لديك إلا "اليوم" فقط، سُتنجِز أعمالك المُؤجّلة، وستعمل على مشاريعك و"أسايمنتاتك" التي أجّلتها إلى أجلٍ غير مسمّى بداعي التسويف. صدّقني، لأنه ليس لديك إلا "اليوم"، ستصافح أصدقائك بحرارة وسترى الناس من حولك بكل بشاشة، لن تنسى عامل التنظيف في كُليّتك، هو الآخر ستلقي عليه التحية، ستُسلّم على "سلّوم" وعلى "تشنّا راج" وعلى "كومار" وعلى "ماليش". فقط، لأن كل ما في الكون، هو بين يديك "هذا اليوم".

    ستحضر كل محاضراتك باكرًا، وستشارك في محاضراتك وتناقش أستاذ المقرر، ستضيف وجهة نظرك في مسألة، وسوف تبدأ في التحضير لعرض "البرزنتيشن" منذ "اليوم". ستتّصل بأمّك، وستخبرها أن تدعو لك باليُسر والتسهيل، وسوف تصلي صلواتك كلّها في وقتها. ستدرك يقينًا أنك حصلت على مقعدٍ دراسيٍّ حكوميّ "مجانًا"، في حين أن الملايين حول العالم يحلمون برغيفِ خُبزٍ يسدّون به جوعهم. ستدرك أنه يجبُ عليك الآن -وأشدّ من أي وقتٍ قد مضى- أن تعمل بكل إخلاص لأجل النعمة التي أنت فيها وتفي حقّها ومُستحقها.

     لن تفعل أي عملٍ بلا هدف، ولن تذهب "لتتمشّى" في شوارع الخوض و "تجزّر وقتكَ" مع بؤساء هذا الكون في "أفنيوز" و "كارفور" و"البهجة". سوف تسأل نفسك قبل أي عمل: ماذا سأجني من هذا الفعل؟ وهل سأستفيد وأفيد من وقتي في هذه اللحظات؟. يا صديقي الجامعيّ، أعِدك بأن تصبح حياتك ودراستك غالية، إن أدركت معنى "اليوم".

 

 يا صديقي الجامعيّ، بين يديك هذا اليوم، فماذا أنت فاعل ؟

 

 

عبدالله
 

 

السبت، 20 فبراير 2016

96 يومًا على التخرج | SQU |

 
 
"هذا الفصل ناوي أجيب معدل فوق الـ3.0"
"ما بطوّف ولا محاضرة هالفصل"
"من يبدأ الفصل بذاكر أول بأول"

إلخ ...

    أجل يا صديقي، لستَ الوحيدَ ممن قال مثل تلك العبارات الرنّانة في بُداءة كل فصلٍ دراسيّ، قاطعًا العهد على نفسك بفتح صفحةٍ بيضاءَ جديدة من أيام حياتك الذهبية، لكن مع عظيم الأسى والأسف، تتلاشى الهمةُ الورديّة شيئًا فشيئًا بمرور الأيام والأسابيع الدراسية، وتذهب عباراتك الرنّانة ووعودك البيضاء في طيّ النسيان وتذروها رياحُ الأيام.

    أعرفُ الكثيرين جدًا أمثال هؤلاء، وجامعتنا الحبيبة تفيض بهم ذرعًا. ربما أن هذه الهمّة تخبو مع تزايد الأعمال، وتزاحم الاختبارات، وكثرة المتطلبات، فــ"تنسى" عهدك الأول، وتمضي بك الأيام فتنحدر همّتك بشكلٍ تدريجيٍّ حتى تجد نفسك على مشارف انتهاء فصلك الدراسيّ. همّةٌ عاليةٌ في بُداءة الفصل، ثم تقِلّ وتقلّ وتقلّ، ثم تحاول استعادتها مع نهاية الفصل، وهكذا دواليك في كل فصلٍ جامعيّ. إذن، أظنّ أننا وقفنا على المشكلة تمامًا.

يا صديقي الجامعيّ، لابد لك من أن تراقب نفسك تمامًا، وتراقب سلوكك الدراسيّ، أيضًا. كُن حازمًا مع نفسك ولا تتهاون إطلاقًا. قيّم نفسك بنهاية كل أسبوعٍ دراسيّ، واسأل نفسك: هل "أخلصتُ" حقًا في كل مقرر لهذا الفصل؟ هل أنا فعلاً فعلتُ ما يستحق أن يبلغ بي معدل الـ"3.0" وأعلى؟ إسأل نفسك دائمًا كهكذا أسئلة.

    اجعل لنفسك أهدافًا واضحة لا تحيد عنها، وكن بطلاً في سبيل تحقيقها. يمكنك-مثلاً- أن تكتب أهدافك للفصل الدراسيّ وتعلّقها في غرفتك فتراها غدوًّا وعشيًا. لا بأس أن تكتب بعض العبارات التي تبعث فيك الهمّة وتقوّي عزيمتك. "وإذا كانت النفوسُ كبارًا .. تعبت في مرادها الأجسامُ" ، "إذا غامرت في شرفٍ مرومِ .. فلا تقنع بما دون النجومِ" ، "لا تحسبنّ المجد تمرٌ أنت آكلهُ .. لن تبلغ المجدَ حتى تلعق الصبرا". لا تتكاسل أبدًا في تشجيع نفسك وتذكيرها بأهدافك التي تطمح إليها وتتعب لأجلها. وابذل كل الأسباب التي تُعينك على ذلك. حرّك مشاعرك بطموحاتك، وتخيّل نفسك كما لو أنك ترى درجاتك لهذا الفصل في هذه اللحظة، كيف تريدها أن تكون، هل تريد أن تحصل على A أم أن B تكفي طموحك، وقل مثل ذلك لباقي المقررات الدراسية.

    تذكّر أن تعبك الآن، سيصبح يومًا ما من الماضي وفي عِداد الذكريات. نعم، سوف تتعب، وتبذل، وتبكي، وتدعو، وتسعى، وتذاكر، وتجتهد، ثم ستنام وتصحى وقد زال كل التعب. تذكّر أن تعبك سيزول وستنساه، لكنّ درجاتك التي ستحصل عليها في هذا الفصل -مثلاً- سوف تبقى في كشف درجاتك ما حييت.

يا صديقي الجامعيّ، لا تتخلى عن أهدافك، ولا تتخلى عن دوافعك. وإلم تُخلص لنفسك، فأخلِص على الأقل لأهدافك وطموحاتك وأحلامك. وتذكّر، أن علوّ الهمّة من الإيمان.
 
 
عبدالله
 
 

الخميس، 18 فبراير 2016

100 يوم على التخرج | SQU |




      أن تكون أحد طلبة جامعة السلطان قابوس،  أمرٌ عظيمٌ رائع، لكن الأعظم من ذلك والأكثر روعة وفخرًا، هو أن ترتدي لباس التخرج "البشت الأسود مع الوشاح المميز بشعار الجامعة" في ليلةٍ يزفّك فيها أهلُوك نشوةً وفرحةً وافتخارا. أعرفُ الكثيرين ممن دخلوا إلى جامعة السلطان قابوس ودرسوا في كلياتها، سنة، وسنتين، وثلاث، وخمس، لكنهم لم يخرجوا منهم "خرّيجين"، أو على الأقل، حاملين معهم شهادة البكالوريوس بعد خمس أو ست سنوات من الحياة الأكاديمية، وقل في مثل ذلك كثير.

     عبدالله، هذا هو اسمي. شخصٌ عاديّ، ودرستُ في جامعة، كنتُ أحلمُ بها يومًا ما، وما زلتُ أذكر كيف كنتُ أرفع الدعوات، لأن أكون في إحدى كليات الجامعةِ الأكبر والأفضل في سلطنة عمان. تحقق الحلم، ولله جزيل الحمدِ والفضل، وسلكنا مدارج الجامعيين، ومن هنا بدأت الحكاية وبدأ المشوار . .

    قبل يومين، تذكرتُ أني الآن في فصليَ الجامعيّ الأخير، بعد مضيَ ما يزيد عن خمس سنواتٍ في جامعة السلطان قابوس. شعرتُ -كما لم أشعر من قبل- أن الحياة أتفه مما كنتُ أتوقع، وأن الحياة التي أملكها هي في الحقيقة ليست إلا "اليوم"، أنا فقط أملك "اليوم"، ولا شيء سواه. لحظاتٌ وأيام وشهور وفصول وسنوات، مرّت، وحسبك -يا عبدالله- أنها لن تعود، لن ت ع و د .


    بالطبع، لستُ هو "عبدالله" في عام 2010، لقد غيّرتْ فيّ عوامل التعرية والتجوية ، الشيء الكثير، وأكل مني الزمن ما أكل. "عبدالله" في 2016 قرر أن يكتب هذه التدوينة، ليجعلها بُداءة عدٍّ تنازليّ لا حياد عنه، "100 يوم عن آخر اختبارٍ لي في جامعة السلطان قابوس" إن شاء الله. عندما أرددُ الجملة السابقة بين علامتيّ التنصيص، أشعرُ بأن الجامعة التي حلمتُ بها يومًا ما، ستصبح عمّا قريب في عِداد الذكريات، ومن حكايا "كان يا ما كان في قديم الزمان". وأسأل نفسي السؤال المجنون: هل حقًا حققتُ "عبدالله" الذي حلمتُ به يومًا ما أن يكون ؟ هل "عبدالله" فعل كل شيء كان يأمل ويُمنّي النفس أن يحققه في جامعة السلطان قابوس أو في مُدّة وجوده فيها ؟ هل "عبدالله" مستعد فعلاً لأن يترك صرحهُ العلميّ الذي سُجّل اسمه فيها بعمادة القبول والتسجيل ؟ هل وهل وهل وهل ؟؟؟؟

هنا، ولمدة 99 يومًا بعدٍ تنازليٍّ لمدة بقائي في SQU""، سأكتبُ خُلاصة ما تعلمته في الجامعة، وعُصارة تجاربي طوال حياتي الجامعية، سأطرح ما يجب أن تكون عليه كطالبٍ جامعيّ استوى عودُه، ونضج فكره، وأصبح مسؤولاً عن نفسه وكيانه. سأصارحك ببعض الأسرار، لتكون رقمًا مميزًا في حياتك الأكاديمية، فتستثمرها خير استثمار، وتبني مجدك وإن لهى غيرك.

     سمّها ما شئت، يوميات، مذكرات، تأمّلات، تجارب، أيّا كانت رؤيتك لها، لا يهمني إطلاقًا، المهم هنا أمرين اثنين: أما الأول، فهو أن أتحدى نفسي في استثمار ما تبقى وفي كتابة فكرة أطرحها كل يومين على الأقل، وأما الثاني، فهو أن أمنحك ما كنتُ قد فقدتُه في بُداءة سنواتي الجامعية وأشاركك بعضًا من أشيائي وتجاربي في 100 يوم.

يا صديقي، إن تبقت لك سنواتٌ دراسية تبقيك في جامعة السلطان قابوس أو حتى في غيرها من الكليات، فلك مني التحية والسلام أيها "الجامعيّ".

 


عبدالله

الجمعة، 12 ديسمبر 2014

وشيئًا منكِ أحكيهِ !





وشيئًا منكِ أحكيهِ
ولا أحكي
أظلُ أُفتشُ القلبَ
لعلّي أصادفُ الحُبَّ
ولا أجدُ
سوى شيءٍ
تسرب دونما معبر !
تجمّع في شراييني
تمخّض في أنابيبي
وأبحث فوق جمجمتي
وفي شرياني التاجي

وقد أسهو
وقد ألهو
وأعبثُ عند حُنجرتي
أصيحُ مناديًا إياك
ولا أجدُك !
أيا "لـُـغــة ً"
حوتْ قلبي وتفكيري
وأوردتي وإكسيري
ونبضُ القلبِ يفديكِ
جَهِِلتُ مكانكِ عهدًا
وقد صِرتُ
لكِ اسمًا
لكِ رمزًا
لكِ عبدًا

تعبتُ أقولها حقاً
إلى أن صِرتُ في الليل
أرددُ اسمكِ عشقا
وقد أبكي
ولا أبكي

وإن كنتِ
تشُكينَ
بأني لستُ "عبدالله" !
خُـذي قلبي
وفـكـيـهِ
وشُميهِ
وضميهِ
فــ فيه الاسم قد طـُبعَ
ومنه الـحُـبُ قد نبعَ
وإن حدثَ .. و رُشتِيه
فقد ألقيتِ
-لو تدرينَ-
قلبًا قد دفنتيهِ !
ولو أفنيتِ كل العُمر
وعُمرًا ضعفكِ عُمرًا
فلن تجدي
كقلبي أبيضًا بالحبِ كنتِ قد رميتيهِ

!

الأحد، 12 أكتوبر 2014

#إني_افتقدتك



إني افقدتك والحياةُ مريرةٌ .. 
والفقد أوجعُ ما يمر بداريه

عُـد يا حبيبي واستقر بها هُنا ..
إني وجدتُ الدار بعدك خاليه

كم فيك من سرٍ وضعتُ بحافظة ..
فيك الأمانُ .. بل وكل أمانيه

عُـد يا رفيقي فالحياةُ عسيرةٌ ..
عيني فداك وقل كذا لفؤاديه
عيني فداك وقل كذا لفؤاديه






#في_رثاء_لابتوبي


الخميس، 9 أكتوبر 2014

كفــاكُمْ أحــلامًا !



جريدة الرؤية
العدد : 1416




     " قللوا من قراءة كتب التنمية البشرية وتطوير الذات، توقفوا عن تصوير الواقع على أنّه ضربٌ من الخيال، توقفوا عن تصوير أنفسكم على أنّها في قمة الثقة، وأن كل ما أريده سأحصل عليه، كفاكم أحلامًا".

     كان هذا حديثها، بالضبط، أعني حديث إحدى أساتذة الجامعة، والتي كنتُ قد أخذتُ لديها مقررًا في الجامعة خلال الفصول الخالية. لا أُخفيكم أنّ ابتسامتي في تلك اللحظات لم تكن ابتسامة طبيعية، فضلاً عن أنّ ردة فعلي- وزملائي- كانت أشبه بأن تكون مزيجًا من الذهول والاستغراب وكأنّ على رؤوسنا الطير.
حقا أصابني شعورٌ بالعَجب، ومرّ عليّ نسيمٌ من الإحباط يقولُ لي: أنْ يا عبدالله، أرخِ السمع، وحاول الجمع، وأخفي الحزن وكفكف الدمع.

      لا يختلف اثنان على أن القراءة في كتب تنمية الذات، وقراءة كتب التاريخ والتراجم، ناهيك عن القراءة كـ"فعل"، لها دورٌ ملموسٌ في صقلِ وتكوين شخصية الفرد، وتوجيه فكره وممارساته ومواهبه ومهاراته وقدراته، وكذلك تأسيس وبناءِ ثقافته. ولعلّ الأخيرة لن تأتي إلا عن طريق التبحُرّ في الكتب بأنواعها، وشتى مجالاتها وأشكالها وصورها، فضلاً عن إطالة النظر فيها، والتربّص بمعانيها وأفكارها، وبالتالي جعلها مِنهاج حياة تتربى عليه الأجيال جيلاً بعد جيل، وتنهل منها حس الفنون وبحر العلوم وفصل الأدب والأمجاد.

كما لا أنكرُ أن ما قالته الدكتورة "دُرر" صحيحٌ - إلى حدٍ ما- ، لكنّ ذلك لا يعني أنك إذا رسمت هدفًا ساميًا في حياتك، وأطّرته بأطر الجديّة والإصرار، مُحدِدًا له زمنًا وميعادًا وآية، وعملت جاهدًا على تحقيقه والوصول إليه - بعد التوكل على الله-، وجعلت له خطة واضحة، وصياغة سليمة، باعثاً فيك الدافعية؛ لاشك بأنك ستناله وتصل لمرادك ولو بعد حين. ولو افترضنا أنك أشعرت نفسك بشعور الثقة، وبثثت صدق الشعور في جميع خلاياك؛ لغدوتَ حقًا كذلك، ولاتسمتْ أفعالك بالثقة. وقِس على ذلك كل ما تود أن تكون عليه من صفاتٍ ومشاعر وعاداتٍ ومهاراتٍ وحتى أخلاق.

الأحلامُ وحدها- دون جهدٍ وتخطيطٍ وعرق جبين- لا تكفي، والحياة دون أحلامٍ لا تكون حياة، وكذا الأهداف والطموح. ولعل لبّ الموضوع يكمن في الربط بين الأحلام والواقع، لا الكفّ عن الأحلام، متناسين في ذلك أثرها وقيمتها وطاقتها في خلق روح التحديّ والآمال.

الحُلم دافعٌ قويٌّ وكبير لتحقيق الآمال والأهداف والتطلعات، "وإذا كانت النفوسُ كبارًا .. تعبت في مرادها الأجسامُ". الحُلمُ وقودٌ لاستمرار نبض القلب من أجل تحقيق هدفٍ سامٍ تسعى لبلوغه، وأن تعيش مخلصًا كل الإخلاص في جميع لحظات حياتك من أجله والوصول إليه؛ لهي السعادة الحقيقية التي تنتشلك من فوضى اليائسين، وتذمُّر الكسالى البائسين، ورسائل المحبّطين، ممن "قدِّر لك" أن يكونوا حولك.

لا زلتُ أذكر تمامًا الجملة التي قالها لي أحد الأساتذة الذين أفتخر بأنّي تتلمذتُ على يدهم في المدرسة حينما قال: "حرّك مشاعرك بطموحاتك"، وحقًا ما قد قال، فالمشاعر تحرّكها الأحلام والأهداف والطموحات وقتما تذكرتها وأشغلتها فِكرك وعقلك وروحك.

    إذن يا حضرات، اقرأوا واحتضنوا الكتبَ وجرّبوا لذتها ومتعتها، تخيّلوا أنفسكم كما تريدون فعلاً أن تكونوا عليه، وثقوا تمامًا بها، وامنحوا لمن هم حولكم صِدقَ الشعور، ومارسوا كفاحَ الحياة وتحدِيَها، ولا تكفوا أبدًا عن الأحلام.




تاريخ نشره في الجريدة : 
2 / أكتوبر / 2014م