الأربعاء، 25 يناير 2017

من أنتَ أيها الوقت !

    


     يبدو أن الحياة قصيرةٌ للحدِ الذي لا تشبعُ فيه من أي شيء. تبدأُ بالصلاة، فلا تنتبهُ إلا على عقارب الساعة الحادّة التي تأكلُ الوقتَ أكلاً. تحاول أن تنهي أكل وجبتك السريعة، فلا تشعرُ إلا وأن "السريعة" هي الأخرى قد أصبحت أكبرَ من اسمها الساذج. تبدأُ بمراجعة القرآن، فيصدمك الوقتُ مجددًا بأنه قد أكلَ منك ما أكل، فلا أنتَ هانىءٌ في تلاوتك، ولا في وجبتك، ولا في صلاتك ودُعائك. فيا أيها الوقت، أخبرني بالله من أنت ؟

    بدأ العام، فأرى روزنامة هاتفي قد أوشكت على دخول شهرها الشُباطيّ، ومجددًا في حين غفلة، أكل الوقتُ كانونًا الثاني. فلا تدري، أتبكي على شهرٍ مضى، أم تركضُ إلى شهرٍ قد أتى، وما بين هذا وذاك، تفكّر أيهما تفعل، وحين تتنبّه لنفسك لتقول أنك ستبكي أو ستركض، تجدُ نفسك في العام الذي يليه، يا الله ما هذا !

    أرى الساعة، فتشير إلى التاسعةِ مساءً بكلِ حُبٍ وبهجة، أُحاولُ أن ألبس كِمّتي ذات الغرز الصغيرة وأنا أنظرُ إليّ في المرآة، وما إن أنتهي، لأعودَ مجددًا بعد ثوانٍ -بتوقيتي- أرقبُ الساعة، فأراها لامست الحادية عشرة بكل سرعةٍ وسذاجة ودهشة. باللهِ ما هذا الهُراء !

أيها الإنسان، تنبّه لما أنتَ فيه، وما تفعل بثوانيك قبل دقائقك، فوالله إن الأمر مُريبٌ أيّما رَيب، فكّر، وخطّط، واعمل، واجتهد، و اسعَ، ولعل الله أن يمُدّكَ بالبركة والاطمئنان.




عبدالله