الاثنين، 26 أغسطس 2013

شين | واو | قاف


     أكتبُ الآن بعد أن أوقفني تيارُ الحياةِ المتسارع، تلك الأجواء التي لا تفتأ إلا أن تملأني بهذياناتِ الكآبة والفقر النفسيّ.  ليس بغريبٍ أن أشتاق لكل طقوسِ الكتابة العارية إلا من أناي. ولعلي في أحايين عديدة قد مارستُ فيها طقوس الاشتياق.

   فن الاشتياق كامرأةٍ فاتنة، ترقبها ولا تكاد تـُصيب، تلتحف الطهر والجمال، وتكتنز البراءة وقربها أمرٌ مُحال. ومهما تعددت الفنون وتفرعت؛ فسبيل دوائه وشفائه واحد. أشتاقُ للكتب ونشوة قرائتها، أشتاقُ لتلك الحيوات التي أمدتني إياها يومًا "زوربا"، و رسائل العشق الأبيض المرمريّ في "طوق الياسمين"، ومخطوطة ٌ ثريّة لــ"باولو كويلو" قد خـُطت في عكرا، ناهيك عن فضوليَ المتزايد لــ قراءة كتب الإدارة، وتارةً في فن القيادة. أشتاق لأن أكون مع نفسي لساعة، أو ربما يوم، وبدأتُ حقــًا بالتفكيرِ لجعلها أسبوعًا كاملاً أبتعد فيه عن الدنيا، أسبوعٌ يأخذني فيه الله إلى النعيم، يُكرمني تارةً برؤية الفردوس، ويتفضلُ عليّ تارةَ أخرى باحتضان الملائكة، هو أسبوعٌ مكوّنٌ من (168) ساعة. أرتل آياتٍ مبكية، وأخشع لأصواتٍ حانية، و بينهما أخاطبُ نفسي مرددًا : "يا تــُـرى ماليه" !

أشتاق لممارسة التجويد، وأشتاقُ لأن أُخـْطِئَ في ضبطه. أشتاق لتكرار شيخيَّ عليّ الآية للمرة، والثانية، والثالثة؛ حتى أُتقنها قراءة ً وتجويدًا وحفظا .

أشتاق لأن أكتبَ مقالاً أناقش فيه قضية، وأطرح فيه أفكارًا بخلاصاتٍ عبودية، وحَـبـْكِ هذياناتٍ لغوية؛ فيـُـنـشر صباحًا في عمودٍ صحفيّ؛ حتى أهاجَم - بــ"مقامع من حديد"- مسـاءً. فأُخطئ مرة، وأًصيبُ كـرّة، وفي الحالتين لا ضرار ولا مضرّة.

أشتاق للخلوة، أشتاق لممارسة التأمل، أشتاق للشاطئ، لرماله، لأمواجه، أشتاق للتحليل، والتفكير، لحل المسائل والتبرير. أشتاق لهدوووء، يُلملمني من خطايا البوح والرَوْحِ والسـوء.




نعم . . هكذا أشتاق؛ فــ علـّني تذكرتُ الآن جذر "الشين و الواو و القاف" !